الأدلة الأخرى على نبوة محمد r
المطلب الأول : الإخبار عن الغيب
"من المعلوم المقرر أن علم الغيب مختص بالله تعالى وحده ، وقد أضافه الله تعالى إلى نفسه الكريمة في غير آية من كتابه العزيز ,قال تعالىقل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله((156)،وقال تعالىوعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو((157)،وأمر الله تعالى رسوله محمدr
أن يقول للناسقل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب((158) .
وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها , قالت :" من زعم أن رسول الله r يخبر بما يكون في غدٍ فقد أعظم على الله الفرية(159) "(160).
فالأصل في علم الغيب أنه يختص به تعالى ،لا يشاركه في العلم به أحد ، قال تعالى: ) فقل إنما الغيب لله فانتظروا إني معكم من المنتظرين ((161)، فأداة الحصر (إنما ) تفيد حصر الغيب لله وقد قال r كما أخبر عنه الله عز وجل: ) ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء ((162) .
ولكن الله سبحانه وتعالى أطلع بعض ملائكته ورسله على بعض الغيب فقد جاءت أدلة تفيد أن الله تعالى استثنى من خلقه من ارتضى من الرسل فأودعهم ما شاء من غيبه بطريقة الوحي إليهم , وجعله معجزة لهم ودلالة صادقة على نبوتهم , قال تعالى: ) وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء ((163).
وقال تعالىعالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا((164).
"فتلخص من ذلك أن ما وقع على لسان رسول الله r من أخبار الغيب دلالة على ثبوت نبوته وصحة رسالته"(165).
وفيما يلي نورد بعضاً مما أخبر به r من الغيب مقسمين ذلك إلى ثلاثة فروع :
الفرع الأول : الإخبار عن الغيب فيما مضى :
أخبرنا رسول الله r عن غيب الماضي الذي لم يعرفه r من ذلك ما أطلعه الله سبحانه وتعالى على أخبار الأمم الماضية , وعن بدء خلق السماوات والأرض , وعن بدء خلق الإنسان , وغير ذلك مما جاء على لسان نبي أميّ لا يقرأ المكتوب, وليس له أدنى علم بالمحجوب فكان يخبر " مما كان لا يعلم منه القصة الواحدة إلا الفذ من أخبار أهل الكتاب الذي قطع عمره في تعلم ذلك وقد كان أهل الكتاب كثيراً ما يسألونه تعنتاً وتعجيزاً عن أخبار تلك القرون السالفة فينـزل عليه من القرآن ما يتلو عليهم منه ذكراً ، بالإضافة إلى ما جاءت به السنة المطهرة "(166) .
فأخبر "عن خلق آدم وقصته مع الشيطان وقصص الأنبياء مع أقوامهم وخبر موسى والخضر وأصحاب الكهف وذي القرنين ولقمان وابنه ،وعن بعض أحكام التوراة حتى تحداهم الله بقوله: )قل فأتوا بالتوراة فأتلوها إن كنتم صادقين ((167)، يتحداهم ذلك النبي الأميّ فلا يستطيعون رد شيء مما يقول(168)".
والقرآن الكريم مليء بهذا فقد أنبأ عن القرى التي ظلمت نفسها وأهلكها الله ، وأخبر عن ابني آدم(هابيل وقابيل ) وعن نوح u ، والطوفان ،وامرأة نوح ، وقوم تبع ، ولقمان وحكمته , وإبراهيم u وقومه , وأصحاب الرس , وأصحاب الكهف وأصحاب الرقيم , وعزير الذي أماته الله مائة عام ،والذين خرجوا حذر الموت ، وعاد (قوم هود ) وثمود ( قوم صالح ) ، وقوم لوط u وامرأته ، وذي القرنين ، ويعقوب u والأسباط ،امرأة العزيز ، وأصحاب مدين وابنتي شعيب، وفرعون وقومه ، وامرأة فرعون ( آسية) ،وموسى u وأمه ، وقومه ، والتابوت ، وهارون ، وقارون ، وسبأ وبلقيس , وعمران وامرأة عمران ومريم ابنة عمران , والحواريين , وأصحاب الأخدود.
وأخبر عن أهل الكتاب ( اليهود والنصارى باستفاضة ) فقد أخبر عن بني إسرائيل وما أمرهم الله به , وأخبر عن معاندتهم وتكذيبهم وقتلهم الأنبياء وأخذ الميثاق عليهم وتحريفهم كلام الله , وشدة حرصهم على الحياة وأقوالهم وجرأتهم على الله والأنبياء , وما حرّم عليهم بسبب بغيهم , وأصحاب السبت وغرورهم وأمانيهم.
وتحدث عن النصارى من حيث نسيانهم الميثاق , وأقوالهم وجرأتهم على الله , والحواريين , والتثليث.
وذكر الصابئة والمجوس أيضاً وغير ذلك من أنباء من سبق .
"سمى الله سبحانه وتعالى الإخبار عن الأمم السابقة غيباً وأشار إلى وجه دلالتها على صدق رسول الله r , وعلى كون القرآن الكريم إنما نـزل بوحي من الله سبحانه وتعالى , فكثيراً ما يفتتح القرآن القصة أو يختمها بالإشارة إلى أن هذه الأمور ما كان لرسول الله r طريق إلى العلم بها إلا عن طريق الوحي من الله تعالى شأنه وجلّت قدرته , فمثلاً بعد قصة مريم وكفالة نبي الله زكريا لها يقول تعالى)ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون((169).
ويقول عز من قائل بعد قصة نوح u تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين((170) .
وبعد قصة يوسف يقول سبحانه)ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون((171) .
وقبل عرض قصة موسى u يقول عزمن قائل)نتلوا عليك من نبأ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون((172).
وبعد انتهائها يقول جل ثناؤهوما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر وما كنت من الشاهدين* ولكنّا أنشأنا قرونا فتطاول عليهم العمر وما كنت ثاوياً في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا ولكنّا كنا مرسلين(173)("(174).
والآيات كثيرة في هذا القسم من الغيب فما عليك إلا أن تقرأ القرآن فإنها فيه واضحة جلية . وجاءت فيه أكثر مما هي في سنة رسول الله r.
أما ما جاء من أخبار الماضي في السنة فيما يلي نذكر نماذج منها :
خلق آدم :
عن أبي هريرة y عن النبي r قال( خلق الله آدم وطوله ستون ذراعاً , ثم قال : اذهب فسلم على أولئك من الملائكة فاستمع ما يحيونك , تحيتك وتحية ذريتك , فقال :السلام عليكم , فقالوا : السلام عليك ورحمة الله , فزادوه رحمة الله , فكل من يدخل الجنة على صورة آدم , فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن)(175).
تحذير نوح u قومه من الدجال :
قال r : ألا أحدثكم حديثاً من الدجال ما حدث به نبيّ قومه ؟ إنه أعور, وإنه يجيء معه بمثال الجنة والنار , فالتي يقول أنها الجنة هي النار , وإني أنذركم كما أنذر به نوح قومه "(176).
أخبر عن نبي الله هود u وقومه عاد :
قال r (نصرت بالصبا(177) وأهلكت عاد بالدبور ")(178).
أخبر عن نبي الله صالح u وقومه ثمود :
عن ابن عمر رضي الله عنهما(أن رسول الله r لما نـزل الحجر في غزوة تبوك أمرهم أن لا يشربوا من بئرها ولا يستقوا منها , فقالوا : قد عجنّا منها واستقينا , فأمرهم أن يطرحوا ذلك العجين ويهر يقوا ذلك الماء)(179).
أخبر سالم بن عبد الله عن أبيه y ( أن النبي r لما مر بالحجر قال لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا إلا أن تكونوا باكين أو يصيبكم ما أصابهم , ثم تقنع بردائه وهو على الرحل) (180).
أخبر عن إبراهيم u :
عن أبي هريرة y قال: قال رسول الله r ( ليلة اسري بي رأيت موسى هو رجل ضربُ رجلُ كأنه من رجال شنوءة , ورأيت عيسى فإذا رجل ربعة أحمر كأنما خرج من ديماس(181) وأنا أشبه ولد إبراهيم u به ثم أتيت بإناءين في أحدهما لبن وفي الآخر خمر فقال : اشرب أيهما شئت , فأخذت اللبن فشربته. فقيل : أخذت الفطرة , أما إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك)(182).
ذكر نبي الله لوط u :
عن أبي هريرة y أن النبي r قال( يغفر الله للوط أن كان ليأوي إلى ركن شديد )(183).
ذكر نبي الله أيوب u :
عن أبي هريرة y عن النبي r( بينما أيوب يغتسل عرياناً خر عليه رجل جراد من ذهب , فجعل يحثي في ثوبه فناداه ربه ألم أكن أغنيك عما ترى ؟ قال: بلى ولكن لا غنى لي عن بركتك)(184) .
ذكر نبي الله داود u:
عن أبي هريرة y عن النبي r قال خفف على داود u القرآن فكان يأمر بدوابه فتسرج فيقرأ القرآن قبل أن تسرج دوابه , ولا يأكل إلا من عمل يده)(185).
ذكر نبي الله سليمان u :
عن عبد الله بن عمرو عن رسول الله r أن سليمان بن داود u لما بنى بيت المقدس سأل الله U خلالاً ثلاثة :سأل الله U حكماً يصادف حكمه فأوتيه ، وسأل الله U ملكاً لا ينبغي لأحد من بعده فأوتيه وسأل الله U حين فرغ من بناء المسجد أن لا يأتيه أحد لا ينهزه إلا الصلاة فيه أن يخرجه من خطيئة كيوم ولدته أمه"(186) .
وعن أبي هريرة y عن النبي r قال : قال سليمان بن داود : لأطوفن الليلة على سبعين امرأة تحمل كل امرأة فارساً يجاهد في سبيل الله . فقال صاحبه : إن شاء الله ، فلم يقل , ولم تحمل شيئاً إلا واحداً ساقطاً أحد شقيه . فقال النبي r : لو قالها لجاهدوا في سبيل الله "(187) .
ذكر نبي الله يونس u :
عن سعد بن أبي وقاص yقال : قال رسول الله r " دعوة ذي النون التي دعا بها في بطن الحوت : لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين . لم يدع بها مسلم في كربة إلا استجاب الله له "(188).
ذكر يحيى u :
عن أنس بن مالك أن النبي r حدثهم عن ليلة أسري به :" ثم صعد حتى أتى السماء الثانية فاستفتح . قيل : من هذا ؟ قال جبريل . قيل ومن معك ؟ قال:محمد ،قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم . فلما خلصت فإذا يحيى وعيسى وهما ابنا خالة ، قال : فهذا يحيى وعيسى فسلم عليهما فسلمت فردا ، ثم قالا : مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح "(189).
ذكر نبي الله عيسى وأمه عليهما السلام :
قال أبو هريرة y سمعت رسول الله r يقول :" ما من بني آدم مولود إلا يمسه الشيطان حين يولد فيستهل صارخاً من مس الشيطان غير مريم وابنها ".
ثم يقول أبو هريرة y :" وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم "(190).
بدء الخلق :
عن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال : دخلت على النبي r وعلقت ناقتي بالباب ، فأتاه ناس من بني تميم ، فقال :" اقبلوا البشرى يا بني تميم " قالوا : قد بشرتنا فأعطنا ، مرتين ، ثم دخل عليه ناس من أهل اليمن،فقال :" اقبلوا البشرى يا أهل اليمن ، إذ لم يقبلها بنو تميم " قالوا : قد قبلنا يا رسول الله ، قالوا : جئناك نسألك عن هذا الأمر ، قال :" كان الله ولم يكن شيء غيره ، وكان عرشه على الماء ، وكتب في الذكر كل شيء وخلق السماوات والأرض "(191).وعن أبي هريرة y قال : قال النبي r :" قال الله تعالى: "يشتمني ابن آدم وما ينبغي له أن يشتمني ويكذبني وما ينبغي له ،أما شتمه فقوله : إن لي ولداً ، وأما تكذيبه فقوله : ليس يعيدني كما بدأني "(192).
تكوين الأرض :
عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وكانت بينه وبين الناس خصومة في أرض فدخل على عائشة فذكر لها ذلك ، فقالت يا أبا سلمة اجتنب الأرض فإن رسول الله r قال :"من ظلم قيد شبر طوقه من سبع أرضين "(193).
خيام أهل الجنة :
عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس الأشعري ، عن أبيه :أن النبي r قال :" الخيمة درّة مجوفة طولها في السماء ثلاثون ميلاً في كل زاوية منها للمؤمن أهل لا يراهم الآخرون "(194) .
الفرع الثاني:الإخبار عن الغيب في الحاضر
وهو ما أخبر به صلوات الله وسلامه عليه من المغيبات فوقع أثناء حياته ، وما أخبر عن حوادث لم يحضرها فأخبر بحقيقة ما جرى .
وفيما يلي نماذج للقسم الثاني :
قتل أمية بن خلف :
فعن عبد الله بن مسعود y ، قال : انطلق سعد بن معاذ معتمراً ، قال فنـزل على أمية بن خلف أبي صفوان وكان أمية إذا انطلق إلى الشام فمر بالمدينة نـزل على سعد ، فقال أمية لسعد : ألا انتظر حتى إذا انتصف النهار وغفل الناس انطلقت فطفت ؟ فبينما سعد يطوف إذا أبو جهل ، فقال : من هذا الذي يطوف بالكعبة؟ فقال سعد : أنا سعد ، فقال أبو جهل : تطوف بالكعبة آمناً وقد آويتم محمداً وأصحابه ؟ فقال : نعم . فتلاحيا(195)بينهما . فقال أمية لسعد :لا ترفع صوتك على أبي الحكم فإنه سيد أهل الوادي . ثم قال سعد : والله لئن منعتني أن أطوف بالبيت لأقطعن متجرك بالشام ، قال فجعل أمية يقول لسعد : لا ترفع صوتك ، وجعل يمسكه ، فغضب سعد فقال : دعنا عنك ، فإني سمعت محمداً r يزعم أنه قاتلك . قال : إياي ؟ قال : نعم . قال : والله ما يكذب إذا حدث . فرجع إلى امرأته فقال : أما تعلمين ما قال لي أخي اليثربي ؟ قالت : وما قال ؟ قال : زعم أنه سمع محمداً أنه قاتلي . قالت : فوالله ما يكذب محمد. قال: فلما خرجوا إلى بدر وجاء الصريخ قالت له امرأته : أما ذكرت ما قال أخوك اليثربي ؟ قال : فأراد أن لا يخرج فقال أبو جهل : إنك من أشراف الوادي فسر يوماً أو يومين ، فسار معهم يومين فقتله الله "(196) .
قصة العباس y :
ولما بعثت قريش في فداء أسراهم إلى رسول الله r بعد بدر ففدى كل قوم أسيرهم بما رضوا -وكان العباس أسيراً- قال : يا رسول الله قد كنت مسلماً فقال رسول الله r :" الله أعلم بإسلامك فإن يكن كما تقول فإن الله يجزيك ، وأما ظاهرك فقد كان علينا فافتد نفسك وابني أخويك " قال العباس : ما ذاك عندي , قال رسول الله r فأين المال الذي دفنته أنت وأم الفضل فقلت لها إن أصبت في سفري هذا فهذا المال الذي دفنته لبني الفضل وعبد الله وقثم ".
قال والله يا رسول الله لأعلم أنك رسول الله إن هذا لشيء ما علمه أحد غيري وأم الفضل "(197).
قصة موت النجاشي :
عن أم كلثوم بنت أبي سلمة ربيبة رسول الله r قالت لما تزوج النبي r أم سلمة قال لها :" إني قد أهديت للنجاشي أواقي من مسك وحلّة وإني لأراه إلا قد مات ولا أرى الهدية إلا سترد إلي ، فإذا ردت إلي فهي لك "(198)، فكان كما قال r ، مات النجاشي وردت إلى النبي r هديته فأعطى كل امرأة من نسائه أوقية من ذلك المسك وأعطى سائره أم سلمة "(199) .
قصة عمير بن وهب الجمحي :
كان عمير شيطاناً من شياطين قريش ، كان يؤذي رسول الله r ، وأصحابه ، ويلقون منه عناءً وهو بمكة ، وكان ابنه ( وهب ابن عمير ) في أساري بدر ، فذكر عمير أصحاب القليب ومصابهم ، وكان معه صفوان بن أمية ، فقال صفوان والله ما في العيش بعدهم خير . قال عمير صدقت ، أما والله لولا دين عليّ ليس لـه عندي قضاء ، وعيال أخشى عليهم الضيعة بعدي لركبت إلى محمد حتى أقتله ، فإن لي قبلهم علة ابني أسير في أيديهم ، قال فاغتنمها صفوان وقال عليّ دينك أنا أقضيه عنك وعيالك مع عيالي أواسيهم ما بقوا لا يسعني شيء يعجز عنهم ، فقال عمير : فاكتم شأني وشأنك قال : أفعل .
ثم انطلق حتى قدم المدينة فبينما عمر بن الخطاب في نفر من المسلمين يتحدثون عن يوم بدر وما أكرمهم الله به وما أراهم من عدوهم إذ نظر عمر إلى عمير بن وهب حين أناخ راحلته على باب المسجد متوشحاً السيف ، فقال عمر : هذا الكلب عدو الله والله ما جاء إلا لشر . ثم دخل عمر على رسول الله r فقال يا نبي الله هذا عدو الله عمير بن وهب ، وقد جاء متوشحاً سيفه ، قال فأدخله علي ،فأقبل عمر حتى أخذ بحمالة سيفه في عنقه فلببه بها .
وقال لرجال من الأنصار ادخلوا على رسول الله r فاجلسوا عنده واحذروا عليه من هذا الخبيث فإنه غير مأمون ، ثم دخل به على رسول الله r ، فلما رآه رسول الله r قال : أرسله فدعا عمير فقال رسول الله r :" فما جاء بك يا عمير " قال : جئت لهذا الأسير الذي في أيديكم فأحسنوا فيه-يعني ولده -قال :" فما بال السيف في عنقك" قال : قبحها الله من سيوف وهل أغنت عنا شيئاً ، قال :" اصدقني ما الذي جاء بك " قال : ما جئت إلا لذلك .
قال رسول الله r :" بل قعدت أنت وصفوان بن أمية في الحجر فذكرتما أصحاب القليب من قريش ثم قلت لولا دين عليّ وعيال عندي لخرجت حتى أقتل محمداً فتحمل صفوان بدينك وعيالك على أن تقتلني له ، والله حائل بينك وبين ذلك " .
فقال عمير أشهد أنك رسول الله ، قد كنا يا رسول الله نكذبك بما كنت تأتينا به من خبر السماء وما ينـزل عليك من الوحي ، وهذا أمر لم يحضره إلا أنا وصفوان فوالله إني لأعلم ما أتاك به إلا الله فالحمد لله الذي هداني للإسلام ، وساقني هذا المساق ، ثم شهد شهادة الحق فقال رسول الله r :" فقّهوا أخاكم في دينه وأقرئوه القرآن ، وأطلقوا له أسيره " ففعلوا ...)(200).
مصارع الطغاة :
عن أنس بن مالك y قال: كنا مع عمر بين مكة والمدينة فتراءينا الهلال . وكنت رجلاً حديد البصر . فرأيته ، وليس أحد يزعم أنه رآه غيري . قال : فجعلت أقول لعمر : أما تراه؟ فجعل لا يراه . قال يقول عمر : سأراه وأنا مستلقي على فراشي . ثم أنشأ يحدثنا عن أهل بدر فقال : إن رسول الله r كان يرينا مصارع أهل بدر بالأمس ، يقول هذا مصرع فلان غداً ، إن شاء الله قال : فقال عمر ، فوالذي بعثه بالحق ما أخطأوا الحديد التي حد رسول الله r . قال فجعلوا في بئر بعضهم على بعض فانطلق رسول الله r حتى انتهى إليهم فقال :" يا فلان بن فلان ويا فلان بن فلان هل وجدتم ما وعدكم الله ورسوله حقاً ؟ فإني وجدت ما وعدني الله حقاً " قال عمر :يا رسول الله كيف تكلم أجساداً لا أرواح فيها ؟ قال :" ما أنتم بأسمع لما أقول منهم غير أنهم لا يستطيعون أن يردوا عليّ شيئاً "(201).
الأعمال بالخواتيم :
عن سهل بن سعد الساعدي y أن رسول الله r التقى هو والمشركون فاقتتلوا . فلما مال رسول الله r إلى عسكره ، ومال الآخرون إلى عسكرهم . وفي أصحاب رسول الله r رجل لا يدع لهم شاذة (202) إلا اتبعها يضربها بسيفه . فقالوا : ما أجزأ منا اليوم أحد كما أجزأ فلان . فقال رسول الله r :" أما أنه من أهل النار " فقال رجل من القوم أنا صاحبه أبداً . قال فخرج معه ، كلما وقف وقف معه ، وإذا أسرع أسرع معه ، قال فجرح الرجل جرحاً شديداً . فاستعجل الموت فوضع نصل سيفه بالأرض وذبابه(203) بين ثدييه ، ثم تحامل على سيفه فقتل نفسه. فخرج الرجل إلى رسول الله r ، فقال : أشهد أنك رسول الله , قال :" وما ذاك ؟" قال الرجل الذي ذكرت آنفاً أنه من أهل النار فأعظم الناس ذلك . فقلت أنا لكم به فخرجت في طلبه حتى جرح جرحاً شديداً ، فاستعجل الموت ، فوضع نصل سيفه بالأرض وذبابه بين ثدييه ، ثم تحامل عليه فقتل نفسه . فقال رسول الله r عند ذلك :" إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار . وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة "(204).
الفرع الثالث:الأخبار عن الغيب في المستقبل
وهو ما أخبر به سيدنا محمد r من مغيبات المستقبل فضلاً عما جاء في القرآن الكريم ، والأحاديث في هذا القسم (أي الذي ورد في السنة النبوية) كثيرة جداً وسوف أقتصر على ذكر نماذج منها :
وهي تنقسم إلى قسمين :
1. القسم الأول : ما أخبر به r وقد تحقق ووقع فعلاً كما أخبر به .
2. القسم الثاني :ما أخبر به r ولكن لم يحن موعد تحققه وسيقع كما أخبر سواءً بسواء .
القسم الأول : ما أخبر به r ووقع فعلاً كما أخبر
1) ما أخبر به عدي :
عن عدي بن حاتم قال : بينما أنا عند النبي r إذ أتاه رجل فشكا إليه الفاقة ، ثم أتاه آخر فشكا قطع السبيل ، فقال : يا عدي ، "هل رأيت الحيرة " ، قلت : لم أرها وقد أنبئت عنها ، قال :" فإن طالت بك حياة , لترين الضعينة ترتحل من الحيرة ، حتى تطوف بالكعبة لا تخاف أحداً إلا الله - قلت فيما بيني وبين نفسي : فأين دعار طيء الذين قد سعروا البلاد – ولئن طالت بك حياة لتفتحن كنوز كسرى " قلت كسرى بن هرمز ؟ قال :" كسرى بن هرمز ، ولئن طالت بك حياة لترين الرجل يخرج ملء كفه من ذهب أو فضة ، يطلب من يقبله منه فلا يجد أحداً يقبله منه،وليلقين الله أحدكم يوم يلقاه،وليس بينه وبينه ترجمان يترجم له،فيقولن : ألم أبعث إليك رسولاً فيبلغك ؟ فيقول : بلى ، فيقول : ألم أعطك مالاً وولداً وأفضل عليك ؟ فيقول : بلى ، فينظر عن يمينه فلا يرى إلا جهنم ، وينظر عن يساره فلا يرى إلا جهنم " قال عدي : سمعت رسول الله r يقول :" اتقوا النار ولو بشق تمرة فمن لم يجد شق تمرة فبكلمة طيبة ". قال عدي : فرأيت الضعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله ، وكنت فيمن أفتتح كنوز كسرى بن هرمز ، ولئن طالت بكم حياة ، لترون ما قال النبي أبو القاسم r :" يخرج ملء كفه.. "(205).
2) ما أخبر به ابنته فاطمة :
عن عائشة رضي الله عنها قالت : أقبلت فاطمة تمشي كأن مشيتها مشي النبي r فقال النبي r:" مرحباً بابنتي " ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله ، ثم أسر إليها حديثاً فبكت ، فقلت لها لم تبكين ؟ ثم أسر إليها حديثاً فضحكت ، فقلت : ما رأيت كاليوم فرحاً أقرب من حزن ، فسألتها عما قال ، فقالت : ما كنت لأفشي سرّ رسول الله r ، حتى قبض النبي r فسألتها ، فقالت أسر إليّ:" إن جبريل كان يعارضني القرآن كل سنة مرة ، وأنه عارضني العام مرتين ، ولا أراه إلا حضر أجلي ، وإنك أول أهل بيتي لحاقاً بي " فبكيت
فقال :" أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة أو نساء المؤمنين " فضحكت لذلك(206) .
وقد مات r في مرضه ذلك ، فتحقق ما أخبر به ابنته ، ثم كان أول من لحق به من أهله ، هي ابنته فاطمة رضي الله عنها .
3) فتح بيت المقدس :
جاء في حديث عوف بن مالك y أنه قال : قال رسول الله r :" أعدد ستاً بين يدي الساعة.. فذكر منها :"فتح بيت المقدس "(207)ففي عهد عمر بن الخطاب y تم فتح بيت المقدس سنة ست عشرة من الهجرة ؛ كما ذهب إلى ذلك أئمة السير ، فقد ذهب عمر y بنفسه، وصالح أهلها،وفتحها،وطهرها من اليهود والنصارى،وبنى بها مسجداً في قبلة بيت المقدس (208).
4) ظهور نار الحجاز :
عن أبي هريرة y أن رسول الله r قال :" لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز ، تضيء أعناق الإبل ببصرى "(209).
وقد ظهرت هذه النار في منتصف القرن السابع الهجري في عام أربع وخمسين وست مائة(654)، وكانت ناراً عظيمة ، أفاض العلماء ممن عاصر ظهورها ومن بعدهم في وصفها(210) .
قال النووي : ( خرجت في زماننا نار بالمدينة سنة أربع وخمسين وست مائة ، وكانت ناراً عظيمة جداً ، من جنب المدينة الشرقي وراء الحرة وتواتر العلم بها عند جميع الشام وسائر البلدان ، وأخبرني من حضرها من أهل المدينة )(211).
5) انتشار الربا :
عن أبي هريرة y أن رسول الله r قال :" ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرء بما أخذ المال أمن حلال أم من حرام "(212).
وهذا هو الحادث فعلاً فما زال مستمراً ومنذ زمن والمسلمون لا يتحرجون من تعاملهم بالربا .
( ومن فقه الإمام البخاري رحمه الله أنه أورد حديث أبي هريرة السابق في باب قول الله U: )يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافاً مضاعفة ((213)،ليبين أن أكل الأضعاف المضاعفة من الربا يكون بالتوسع فيه عند عدم مبالاة الناس بطرق جمع المال وعدم التمييز بين الحلال والحرام)(214).
القسم الثاني : ما أخبر به الرسول r ولم يحن موعد تحققه :
1) خروج القحطاني :
عن أبي هريرة y أن رسول الله r قال:" لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه "(215).
قال القرطبي : قوله "يسوق الناس بعصاه"،كناية عن استقامة الناس وانعقادهم إليه ، واتفاقهم عليه ، ولم يرد نفس العصا ، وإنما ضرب بها مثلاً لطاعتهم له ، واستيلائه عليهم ، إلا أن في ذكرها دليلاً على خشونته عليهم وعنفه بهم(216) .
2) قتال اليهود :
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله r يقول :" تقاتلكم اليهود فتسلطون عليهم ثم يقول الحجر يا مسلم ، هذا يهودي ورائي فاقتله "(217).
3) ذكر المهدي :
عن أبي سعيد الخدري y ؛ قال : قال رسول الله r :" أبشركم بالمهدي ؛ يبعث على اختلاف من الناس وزلازل ، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً ، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض ، يقسم المال صحاحاً " فقال له رجل : ما صحاحاً ؟ قال :" بالسوية بين الناس " .
قال : " ويملأ الله قلوب أمة محمد r غنى ، ويسعهم عدله ، حتى يأمر منادياً فينادي ، فيقول : من له في مال حاجة ؟ فما يقوم من الناس إلا رجل فيقول : أئت السدان (الخازن) ، فقل له : إن المهدي يأمرك أن تعطيني مالاً فيقول له : احث ، حتى إذا حجره وأبرزه ؛ ندم ، فيقول كنت أجشع أمة محمد نفساً ، وأعجز عني ما وسعهم ؟ . قال ، فيرده ، فلا يقبل منه ، فيقال له : إنا لا نأخذ شيئاً أعطيناه ، فيكون كذلك سبع سنين أو ثمان سنين أو تسع سنين ، ثم لا خير في العيش بعده " أو قال : " ثم لا خير في الحياة بعده "(218).
4) طلوع الشمس من مغربها والدجال ودابة الأرض :
عن أبي هريرة y ؛ قال : قال رسول الله r :" ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً:طلوع الشمس من مغربها،والدجال ، ودابة الأرض "(219).
وقال تعالى وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دآبة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون((220).
فهذه الآية الكريمة جاء فيها ذكر خروج الدابة ، وأن ذلك يكون عند فساد الناس ، وتركهم أوامر الله، وتبديلهم الدين الحق ، يخرج الله لهم دابة من الأرض فتكلم الناس على ذلك(221) .
وقد اختلف العلماء في تعيين ووصف هذه الدابة وقد رجح القرطبي أنها من نفس فصيل ناقة النبي صالح u، قال القرطبي : ( أولى الأقوال أنها من فصيل ناقة صالح , وهو أصحها ، والله أعلم )(222).
5) حسر الفرات عن جبل من ذهب :
عن أبي هريرة y أن رسول الله r قال :" لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب ، يقتتل الناس عليه ، فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون ، ويقول كل رجل منهم : لعلي أكون أنا الذي أنجو "(223).
6) عودة أرض العرب مروجاً وأنهاراً :
عن أبي هريرة y أن رسول الله r قال :" لا تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً "(224).
هذا الحديث يشير إلى أن أرض العرب التي هي صحراء ، كانت بساتين وأنهاراً ، وأنها سوف تعود كما كانت مروجاً وأنهاراً .
~
(156) النمل آية 65(157) الأنعام آية 59(158) الأنعام آية 50(159) صحيح مسلم ، حديث رقم 177
(160) نظرة النعيم ج 1 ص 542(161) يونس آية 20(162) الأعراف آية 188(163) آل عمران آية 179(164) الجن آية 26-27
(165) نظرة النعيم ج 1 ص 542-543(166) نظرة النعيم ج 1 ص 544(167) آل عمران آية 93
(168) الصحيح المسند من دلائل النبوة : مقبل بن هادي الوادعي ص 41(169) آل عمران آية 44.(170) هود آية 49.(171) يوسف آية 102.
(172) القصص آية 3.(173) القصص آية 44-45.(174) مباحث في إعجاز القرآن – أ.د مصطفى مسلم ص 261 باختصار.
(175) صحيح البخاري ج 6 ص 362.(176)صحيح البخاري ج 6 ص37 .
(177) الصبا رياح يقال لها القبول لأنها تقابل الكعبة إذ مهبها من مشرق الشمس وضدها الدبور : وهي التي أهلكت بها قوم عاد – دلائل النبوة – مقبل بن هادي الوادعي ص 254.(178) أخرجه مسلم ج 2 ص 617.(179) أخرجه مسلم ج 4 ص 2285(180) البخاري ج 6 ص 378(181) الديماس : الحمام – الصحيح المسند من دلائل النبوة – مقبل الوادعي ص 259(182) البخاري ج 6 ص 428 , ومسلم ج 1 ص 154.(183) البخاري ج 6 ص 415(184) البخاري ج 6 ص 420
(185) البخاري ج 6 ص 453.(186) النسائي ج 2 ص 28 وهو حديث صحيح ورجاله ثقات .(187) البخاري ج 6 ص 458.
(188) أخرجه الإمام أحمد في المسند ج 1 ص 170 وهو حديث صحيح الإسناد .(189) البخاري ج 6 ص 467 , ومسلم ج 1 ص 150
.(190) البخاري ج 6 ص 469 , ومسلم ج 4 ص 1838.(191) صحيح البخاري : باب بدء الخلق ص 1166.
(192) صحيح البخاري : باب بدء الخلق ص 1166.(193) صحيح البخاري : باب بدء الخلق ص 1168 .(194) صحيح البخاري : باب بدء الخلق ص 1185 .(195) تلاحيا : تلاوما وتنازعا ، نظرة النعيم :ص 544(196) رواه البخاري ، انظر الفتح : 6 ( 3632)(197) المستدرك على الصحيحين ، الجزء 3ص(366)
(198) الاستيعاب ،ج(4)، رقم (4202)
(199) من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم – عبد العزيز السلمان ص 8.(200) مجمع الزوائد، الجزء 8 ، ص(285)(201) رواه مسلم برقم 2873
(202) الشاذ والشاذة : الخارج والخارجة عن الجماعة والمعنى أنه لا يدع أحد . موسوعة نظرة النعيم ص545
(203) ذبابة : ذباب السيف هو طرفه الأسفل وأما طرفه الأعلى فمقبضه . موسوعة نظرة النعيم ص 546(204) رواه البخاري : حديث رقم 2898 , ومسلم برقم 112(205) صحيح البخاري : باب المناقب : ص 1317
(206) صحيح البخاري : باب المناقب : ص 1327(207) صحيح البخاري : كتاب الجزية والمودعة : باب ما يحذر من القدر : ج 6 ص 277 مع الفتح.
(208) البداية والنهاية ج 7 ص 55-57(209) صحيح البخاري : كتاب الفتن : باب خروج النار : ج 13 ص 78 مع الفتح ، وصحيح مسلم : كتاب الفتن وأشراط الساعة : ج 18 ص 30 مع شرح النووي .(210) أشراط الساعة – يوسف الوابل ص 117(211) شرح النووي لمسلم ج 18 ص 28.
(212) صحيح البخاري : باب قول الله عز وجل :" يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا " ج 4 ص 313 مع الفتح .(213) آل عمران آية 130
(214) أشراط الساعة : يوسف الوابل : ص 140 –141.(215) صحيح البخاري : باب تغير الزمان حتى تعبد الأوثان ج 13 ص 76مع الفتح , وصحيح مسلم : كتاب الفتن وأشراط الساعة ج 18 ص 36 مع شرح النووي .(216) التذكرة ،المرجع السابق ص 635 .(217) صحيح البخاري : باب المناقب :ص 1316
(218) مسند الأمام أحمد ج 3 ص 37 مع منتخب الكنـز ، قال الهيثمي : رواه الترمذي وغيره باختصار كثير ورواه أحمد بأسانيد وأبو يعلى باختصار كثير ورجالهما ثقات ، مجمع الزوائد ( 7/ 313 –314).(219) صحيح مسلم : كتاب الإيمان : باب الزمن الذي لا يقبل فيه الإيمان ج 2 ص 195 : مع شرح النووي .
(220) النمل آية 82
(221) تفسير ابن كثير ج 6 ص 220(222) تفسير القرطبي ج 13 ص 235.
(223) صحيح البخاري : باب خروج النار : ج 13 ص 78 مع الفتح, وصحيح مسلم ، كتاب الفتن وأشراط الساعة ج 18 ص 18 : مع شرح النووي .
(224) صحيح مسلم.
المطلب الأول : الإخبار عن الغيب
"من المعلوم المقرر أن علم الغيب مختص بالله تعالى وحده ، وقد أضافه الله تعالى إلى نفسه الكريمة في غير آية من كتابه العزيز ,قال تعالىقل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله((156)،وقال تعالىوعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو((157)،وأمر الله تعالى رسوله محمدr
أن يقول للناسقل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب((158) .
وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها , قالت :" من زعم أن رسول الله r يخبر بما يكون في غدٍ فقد أعظم على الله الفرية(159) "(160).
فالأصل في علم الغيب أنه يختص به تعالى ،لا يشاركه في العلم به أحد ، قال تعالى: ) فقل إنما الغيب لله فانتظروا إني معكم من المنتظرين ((161)، فأداة الحصر (إنما ) تفيد حصر الغيب لله وقد قال r كما أخبر عنه الله عز وجل: ) ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء ((162) .
ولكن الله سبحانه وتعالى أطلع بعض ملائكته ورسله على بعض الغيب فقد جاءت أدلة تفيد أن الله تعالى استثنى من خلقه من ارتضى من الرسل فأودعهم ما شاء من غيبه بطريقة الوحي إليهم , وجعله معجزة لهم ودلالة صادقة على نبوتهم , قال تعالى: ) وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء ((163).
وقال تعالىعالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا((164).
"فتلخص من ذلك أن ما وقع على لسان رسول الله r من أخبار الغيب دلالة على ثبوت نبوته وصحة رسالته"(165).
وفيما يلي نورد بعضاً مما أخبر به r من الغيب مقسمين ذلك إلى ثلاثة فروع :
الفرع الأول : الإخبار عن الغيب فيما مضى :
أخبرنا رسول الله r عن غيب الماضي الذي لم يعرفه r من ذلك ما أطلعه الله سبحانه وتعالى على أخبار الأمم الماضية , وعن بدء خلق السماوات والأرض , وعن بدء خلق الإنسان , وغير ذلك مما جاء على لسان نبي أميّ لا يقرأ المكتوب, وليس له أدنى علم بالمحجوب فكان يخبر " مما كان لا يعلم منه القصة الواحدة إلا الفذ من أخبار أهل الكتاب الذي قطع عمره في تعلم ذلك وقد كان أهل الكتاب كثيراً ما يسألونه تعنتاً وتعجيزاً عن أخبار تلك القرون السالفة فينـزل عليه من القرآن ما يتلو عليهم منه ذكراً ، بالإضافة إلى ما جاءت به السنة المطهرة "(166) .
فأخبر "عن خلق آدم وقصته مع الشيطان وقصص الأنبياء مع أقوامهم وخبر موسى والخضر وأصحاب الكهف وذي القرنين ولقمان وابنه ،وعن بعض أحكام التوراة حتى تحداهم الله بقوله: )قل فأتوا بالتوراة فأتلوها إن كنتم صادقين ((167)، يتحداهم ذلك النبي الأميّ فلا يستطيعون رد شيء مما يقول(168)".
والقرآن الكريم مليء بهذا فقد أنبأ عن القرى التي ظلمت نفسها وأهلكها الله ، وأخبر عن ابني آدم(هابيل وقابيل ) وعن نوح u ، والطوفان ،وامرأة نوح ، وقوم تبع ، ولقمان وحكمته , وإبراهيم u وقومه , وأصحاب الرس , وأصحاب الكهف وأصحاب الرقيم , وعزير الذي أماته الله مائة عام ،والذين خرجوا حذر الموت ، وعاد (قوم هود ) وثمود ( قوم صالح ) ، وقوم لوط u وامرأته ، وذي القرنين ، ويعقوب u والأسباط ،امرأة العزيز ، وأصحاب مدين وابنتي شعيب، وفرعون وقومه ، وامرأة فرعون ( آسية) ،وموسى u وأمه ، وقومه ، والتابوت ، وهارون ، وقارون ، وسبأ وبلقيس , وعمران وامرأة عمران ومريم ابنة عمران , والحواريين , وأصحاب الأخدود.
وأخبر عن أهل الكتاب ( اليهود والنصارى باستفاضة ) فقد أخبر عن بني إسرائيل وما أمرهم الله به , وأخبر عن معاندتهم وتكذيبهم وقتلهم الأنبياء وأخذ الميثاق عليهم وتحريفهم كلام الله , وشدة حرصهم على الحياة وأقوالهم وجرأتهم على الله والأنبياء , وما حرّم عليهم بسبب بغيهم , وأصحاب السبت وغرورهم وأمانيهم.
وتحدث عن النصارى من حيث نسيانهم الميثاق , وأقوالهم وجرأتهم على الله , والحواريين , والتثليث.
وذكر الصابئة والمجوس أيضاً وغير ذلك من أنباء من سبق .
"سمى الله سبحانه وتعالى الإخبار عن الأمم السابقة غيباً وأشار إلى وجه دلالتها على صدق رسول الله r , وعلى كون القرآن الكريم إنما نـزل بوحي من الله سبحانه وتعالى , فكثيراً ما يفتتح القرآن القصة أو يختمها بالإشارة إلى أن هذه الأمور ما كان لرسول الله r طريق إلى العلم بها إلا عن طريق الوحي من الله تعالى شأنه وجلّت قدرته , فمثلاً بعد قصة مريم وكفالة نبي الله زكريا لها يقول تعالى)ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون((169).
ويقول عز من قائل بعد قصة نوح u تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين((170) .
وبعد قصة يوسف يقول سبحانه)ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون((171) .
وقبل عرض قصة موسى u يقول عزمن قائل)نتلوا عليك من نبأ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون((172).
وبعد انتهائها يقول جل ثناؤهوما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر وما كنت من الشاهدين* ولكنّا أنشأنا قرونا فتطاول عليهم العمر وما كنت ثاوياً في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا ولكنّا كنا مرسلين(173)("(174).
والآيات كثيرة في هذا القسم من الغيب فما عليك إلا أن تقرأ القرآن فإنها فيه واضحة جلية . وجاءت فيه أكثر مما هي في سنة رسول الله r.
أما ما جاء من أخبار الماضي في السنة فيما يلي نذكر نماذج منها :
خلق آدم :
عن أبي هريرة y عن النبي r قال( خلق الله آدم وطوله ستون ذراعاً , ثم قال : اذهب فسلم على أولئك من الملائكة فاستمع ما يحيونك , تحيتك وتحية ذريتك , فقال :السلام عليكم , فقالوا : السلام عليك ورحمة الله , فزادوه رحمة الله , فكل من يدخل الجنة على صورة آدم , فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن)(175).
تحذير نوح u قومه من الدجال :
قال r : ألا أحدثكم حديثاً من الدجال ما حدث به نبيّ قومه ؟ إنه أعور, وإنه يجيء معه بمثال الجنة والنار , فالتي يقول أنها الجنة هي النار , وإني أنذركم كما أنذر به نوح قومه "(176).
أخبر عن نبي الله هود u وقومه عاد :
قال r (نصرت بالصبا(177) وأهلكت عاد بالدبور ")(178).
أخبر عن نبي الله صالح u وقومه ثمود :
عن ابن عمر رضي الله عنهما(أن رسول الله r لما نـزل الحجر في غزوة تبوك أمرهم أن لا يشربوا من بئرها ولا يستقوا منها , فقالوا : قد عجنّا منها واستقينا , فأمرهم أن يطرحوا ذلك العجين ويهر يقوا ذلك الماء)(179).
أخبر سالم بن عبد الله عن أبيه y ( أن النبي r لما مر بالحجر قال لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا إلا أن تكونوا باكين أو يصيبكم ما أصابهم , ثم تقنع بردائه وهو على الرحل) (180).
أخبر عن إبراهيم u :
عن أبي هريرة y قال: قال رسول الله r ( ليلة اسري بي رأيت موسى هو رجل ضربُ رجلُ كأنه من رجال شنوءة , ورأيت عيسى فإذا رجل ربعة أحمر كأنما خرج من ديماس(181) وأنا أشبه ولد إبراهيم u به ثم أتيت بإناءين في أحدهما لبن وفي الآخر خمر فقال : اشرب أيهما شئت , فأخذت اللبن فشربته. فقيل : أخذت الفطرة , أما إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك)(182).
ذكر نبي الله لوط u :
عن أبي هريرة y أن النبي r قال( يغفر الله للوط أن كان ليأوي إلى ركن شديد )(183).
ذكر نبي الله أيوب u :
عن أبي هريرة y عن النبي r( بينما أيوب يغتسل عرياناً خر عليه رجل جراد من ذهب , فجعل يحثي في ثوبه فناداه ربه ألم أكن أغنيك عما ترى ؟ قال: بلى ولكن لا غنى لي عن بركتك)(184) .
ذكر نبي الله داود u:
عن أبي هريرة y عن النبي r قال خفف على داود u القرآن فكان يأمر بدوابه فتسرج فيقرأ القرآن قبل أن تسرج دوابه , ولا يأكل إلا من عمل يده)(185).
ذكر نبي الله سليمان u :
عن عبد الله بن عمرو عن رسول الله r أن سليمان بن داود u لما بنى بيت المقدس سأل الله U خلالاً ثلاثة :سأل الله U حكماً يصادف حكمه فأوتيه ، وسأل الله U ملكاً لا ينبغي لأحد من بعده فأوتيه وسأل الله U حين فرغ من بناء المسجد أن لا يأتيه أحد لا ينهزه إلا الصلاة فيه أن يخرجه من خطيئة كيوم ولدته أمه"(186) .
وعن أبي هريرة y عن النبي r قال : قال سليمان بن داود : لأطوفن الليلة على سبعين امرأة تحمل كل امرأة فارساً يجاهد في سبيل الله . فقال صاحبه : إن شاء الله ، فلم يقل , ولم تحمل شيئاً إلا واحداً ساقطاً أحد شقيه . فقال النبي r : لو قالها لجاهدوا في سبيل الله "(187) .
ذكر نبي الله يونس u :
عن سعد بن أبي وقاص yقال : قال رسول الله r " دعوة ذي النون التي دعا بها في بطن الحوت : لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين . لم يدع بها مسلم في كربة إلا استجاب الله له "(188).
ذكر يحيى u :
عن أنس بن مالك أن النبي r حدثهم عن ليلة أسري به :" ثم صعد حتى أتى السماء الثانية فاستفتح . قيل : من هذا ؟ قال جبريل . قيل ومن معك ؟ قال:محمد ،قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم . فلما خلصت فإذا يحيى وعيسى وهما ابنا خالة ، قال : فهذا يحيى وعيسى فسلم عليهما فسلمت فردا ، ثم قالا : مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح "(189).
ذكر نبي الله عيسى وأمه عليهما السلام :
قال أبو هريرة y سمعت رسول الله r يقول :" ما من بني آدم مولود إلا يمسه الشيطان حين يولد فيستهل صارخاً من مس الشيطان غير مريم وابنها ".
ثم يقول أبو هريرة y :" وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم "(190).
بدء الخلق :
عن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال : دخلت على النبي r وعلقت ناقتي بالباب ، فأتاه ناس من بني تميم ، فقال :" اقبلوا البشرى يا بني تميم " قالوا : قد بشرتنا فأعطنا ، مرتين ، ثم دخل عليه ناس من أهل اليمن،فقال :" اقبلوا البشرى يا أهل اليمن ، إذ لم يقبلها بنو تميم " قالوا : قد قبلنا يا رسول الله ، قالوا : جئناك نسألك عن هذا الأمر ، قال :" كان الله ولم يكن شيء غيره ، وكان عرشه على الماء ، وكتب في الذكر كل شيء وخلق السماوات والأرض "(191).وعن أبي هريرة y قال : قال النبي r :" قال الله تعالى: "يشتمني ابن آدم وما ينبغي له أن يشتمني ويكذبني وما ينبغي له ،أما شتمه فقوله : إن لي ولداً ، وأما تكذيبه فقوله : ليس يعيدني كما بدأني "(192).
تكوين الأرض :
عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وكانت بينه وبين الناس خصومة في أرض فدخل على عائشة فذكر لها ذلك ، فقالت يا أبا سلمة اجتنب الأرض فإن رسول الله r قال :"من ظلم قيد شبر طوقه من سبع أرضين "(193).
خيام أهل الجنة :
عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس الأشعري ، عن أبيه :أن النبي r قال :" الخيمة درّة مجوفة طولها في السماء ثلاثون ميلاً في كل زاوية منها للمؤمن أهل لا يراهم الآخرون "(194) .
الفرع الثاني:الإخبار عن الغيب في الحاضر
وهو ما أخبر به صلوات الله وسلامه عليه من المغيبات فوقع أثناء حياته ، وما أخبر عن حوادث لم يحضرها فأخبر بحقيقة ما جرى .
وفيما يلي نماذج للقسم الثاني :
قتل أمية بن خلف :
فعن عبد الله بن مسعود y ، قال : انطلق سعد بن معاذ معتمراً ، قال فنـزل على أمية بن خلف أبي صفوان وكان أمية إذا انطلق إلى الشام فمر بالمدينة نـزل على سعد ، فقال أمية لسعد : ألا انتظر حتى إذا انتصف النهار وغفل الناس انطلقت فطفت ؟ فبينما سعد يطوف إذا أبو جهل ، فقال : من هذا الذي يطوف بالكعبة؟ فقال سعد : أنا سعد ، فقال أبو جهل : تطوف بالكعبة آمناً وقد آويتم محمداً وأصحابه ؟ فقال : نعم . فتلاحيا(195)بينهما . فقال أمية لسعد :لا ترفع صوتك على أبي الحكم فإنه سيد أهل الوادي . ثم قال سعد : والله لئن منعتني أن أطوف بالبيت لأقطعن متجرك بالشام ، قال فجعل أمية يقول لسعد : لا ترفع صوتك ، وجعل يمسكه ، فغضب سعد فقال : دعنا عنك ، فإني سمعت محمداً r يزعم أنه قاتلك . قال : إياي ؟ قال : نعم . قال : والله ما يكذب إذا حدث . فرجع إلى امرأته فقال : أما تعلمين ما قال لي أخي اليثربي ؟ قالت : وما قال ؟ قال : زعم أنه سمع محمداً أنه قاتلي . قالت : فوالله ما يكذب محمد. قال: فلما خرجوا إلى بدر وجاء الصريخ قالت له امرأته : أما ذكرت ما قال أخوك اليثربي ؟ قال : فأراد أن لا يخرج فقال أبو جهل : إنك من أشراف الوادي فسر يوماً أو يومين ، فسار معهم يومين فقتله الله "(196) .
قصة العباس y :
ولما بعثت قريش في فداء أسراهم إلى رسول الله r بعد بدر ففدى كل قوم أسيرهم بما رضوا -وكان العباس أسيراً- قال : يا رسول الله قد كنت مسلماً فقال رسول الله r :" الله أعلم بإسلامك فإن يكن كما تقول فإن الله يجزيك ، وأما ظاهرك فقد كان علينا فافتد نفسك وابني أخويك " قال العباس : ما ذاك عندي , قال رسول الله r فأين المال الذي دفنته أنت وأم الفضل فقلت لها إن أصبت في سفري هذا فهذا المال الذي دفنته لبني الفضل وعبد الله وقثم ".
قال والله يا رسول الله لأعلم أنك رسول الله إن هذا لشيء ما علمه أحد غيري وأم الفضل "(197).
قصة موت النجاشي :
عن أم كلثوم بنت أبي سلمة ربيبة رسول الله r قالت لما تزوج النبي r أم سلمة قال لها :" إني قد أهديت للنجاشي أواقي من مسك وحلّة وإني لأراه إلا قد مات ولا أرى الهدية إلا سترد إلي ، فإذا ردت إلي فهي لك "(198)، فكان كما قال r ، مات النجاشي وردت إلى النبي r هديته فأعطى كل امرأة من نسائه أوقية من ذلك المسك وأعطى سائره أم سلمة "(199) .
قصة عمير بن وهب الجمحي :
كان عمير شيطاناً من شياطين قريش ، كان يؤذي رسول الله r ، وأصحابه ، ويلقون منه عناءً وهو بمكة ، وكان ابنه ( وهب ابن عمير ) في أساري بدر ، فذكر عمير أصحاب القليب ومصابهم ، وكان معه صفوان بن أمية ، فقال صفوان والله ما في العيش بعدهم خير . قال عمير صدقت ، أما والله لولا دين عليّ ليس لـه عندي قضاء ، وعيال أخشى عليهم الضيعة بعدي لركبت إلى محمد حتى أقتله ، فإن لي قبلهم علة ابني أسير في أيديهم ، قال فاغتنمها صفوان وقال عليّ دينك أنا أقضيه عنك وعيالك مع عيالي أواسيهم ما بقوا لا يسعني شيء يعجز عنهم ، فقال عمير : فاكتم شأني وشأنك قال : أفعل .
ثم انطلق حتى قدم المدينة فبينما عمر بن الخطاب في نفر من المسلمين يتحدثون عن يوم بدر وما أكرمهم الله به وما أراهم من عدوهم إذ نظر عمر إلى عمير بن وهب حين أناخ راحلته على باب المسجد متوشحاً السيف ، فقال عمر : هذا الكلب عدو الله والله ما جاء إلا لشر . ثم دخل عمر على رسول الله r فقال يا نبي الله هذا عدو الله عمير بن وهب ، وقد جاء متوشحاً سيفه ، قال فأدخله علي ،فأقبل عمر حتى أخذ بحمالة سيفه في عنقه فلببه بها .
وقال لرجال من الأنصار ادخلوا على رسول الله r فاجلسوا عنده واحذروا عليه من هذا الخبيث فإنه غير مأمون ، ثم دخل به على رسول الله r ، فلما رآه رسول الله r قال : أرسله فدعا عمير فقال رسول الله r :" فما جاء بك يا عمير " قال : جئت لهذا الأسير الذي في أيديكم فأحسنوا فيه-يعني ولده -قال :" فما بال السيف في عنقك" قال : قبحها الله من سيوف وهل أغنت عنا شيئاً ، قال :" اصدقني ما الذي جاء بك " قال : ما جئت إلا لذلك .
قال رسول الله r :" بل قعدت أنت وصفوان بن أمية في الحجر فذكرتما أصحاب القليب من قريش ثم قلت لولا دين عليّ وعيال عندي لخرجت حتى أقتل محمداً فتحمل صفوان بدينك وعيالك على أن تقتلني له ، والله حائل بينك وبين ذلك " .
فقال عمير أشهد أنك رسول الله ، قد كنا يا رسول الله نكذبك بما كنت تأتينا به من خبر السماء وما ينـزل عليك من الوحي ، وهذا أمر لم يحضره إلا أنا وصفوان فوالله إني لأعلم ما أتاك به إلا الله فالحمد لله الذي هداني للإسلام ، وساقني هذا المساق ، ثم شهد شهادة الحق فقال رسول الله r :" فقّهوا أخاكم في دينه وأقرئوه القرآن ، وأطلقوا له أسيره " ففعلوا ...)(200).
مصارع الطغاة :
عن أنس بن مالك y قال: كنا مع عمر بين مكة والمدينة فتراءينا الهلال . وكنت رجلاً حديد البصر . فرأيته ، وليس أحد يزعم أنه رآه غيري . قال : فجعلت أقول لعمر : أما تراه؟ فجعل لا يراه . قال يقول عمر : سأراه وأنا مستلقي على فراشي . ثم أنشأ يحدثنا عن أهل بدر فقال : إن رسول الله r كان يرينا مصارع أهل بدر بالأمس ، يقول هذا مصرع فلان غداً ، إن شاء الله قال : فقال عمر ، فوالذي بعثه بالحق ما أخطأوا الحديد التي حد رسول الله r . قال فجعلوا في بئر بعضهم على بعض فانطلق رسول الله r حتى انتهى إليهم فقال :" يا فلان بن فلان ويا فلان بن فلان هل وجدتم ما وعدكم الله ورسوله حقاً ؟ فإني وجدت ما وعدني الله حقاً " قال عمر :يا رسول الله كيف تكلم أجساداً لا أرواح فيها ؟ قال :" ما أنتم بأسمع لما أقول منهم غير أنهم لا يستطيعون أن يردوا عليّ شيئاً "(201).
الأعمال بالخواتيم :
عن سهل بن سعد الساعدي y أن رسول الله r التقى هو والمشركون فاقتتلوا . فلما مال رسول الله r إلى عسكره ، ومال الآخرون إلى عسكرهم . وفي أصحاب رسول الله r رجل لا يدع لهم شاذة (202) إلا اتبعها يضربها بسيفه . فقالوا : ما أجزأ منا اليوم أحد كما أجزأ فلان . فقال رسول الله r :" أما أنه من أهل النار " فقال رجل من القوم أنا صاحبه أبداً . قال فخرج معه ، كلما وقف وقف معه ، وإذا أسرع أسرع معه ، قال فجرح الرجل جرحاً شديداً . فاستعجل الموت فوضع نصل سيفه بالأرض وذبابه(203) بين ثدييه ، ثم تحامل على سيفه فقتل نفسه. فخرج الرجل إلى رسول الله r ، فقال : أشهد أنك رسول الله , قال :" وما ذاك ؟" قال الرجل الذي ذكرت آنفاً أنه من أهل النار فأعظم الناس ذلك . فقلت أنا لكم به فخرجت في طلبه حتى جرح جرحاً شديداً ، فاستعجل الموت ، فوضع نصل سيفه بالأرض وذبابه بين ثدييه ، ثم تحامل عليه فقتل نفسه . فقال رسول الله r عند ذلك :" إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار . وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة "(204).
الفرع الثالث:الأخبار عن الغيب في المستقبل
وهو ما أخبر به سيدنا محمد r من مغيبات المستقبل فضلاً عما جاء في القرآن الكريم ، والأحاديث في هذا القسم (أي الذي ورد في السنة النبوية) كثيرة جداً وسوف أقتصر على ذكر نماذج منها :
وهي تنقسم إلى قسمين :
1. القسم الأول : ما أخبر به r وقد تحقق ووقع فعلاً كما أخبر به .
2. القسم الثاني :ما أخبر به r ولكن لم يحن موعد تحققه وسيقع كما أخبر سواءً بسواء .
القسم الأول : ما أخبر به r ووقع فعلاً كما أخبر
1) ما أخبر به عدي :
عن عدي بن حاتم قال : بينما أنا عند النبي r إذ أتاه رجل فشكا إليه الفاقة ، ثم أتاه آخر فشكا قطع السبيل ، فقال : يا عدي ، "هل رأيت الحيرة " ، قلت : لم أرها وقد أنبئت عنها ، قال :" فإن طالت بك حياة , لترين الضعينة ترتحل من الحيرة ، حتى تطوف بالكعبة لا تخاف أحداً إلا الله - قلت فيما بيني وبين نفسي : فأين دعار طيء الذين قد سعروا البلاد – ولئن طالت بك حياة لتفتحن كنوز كسرى " قلت كسرى بن هرمز ؟ قال :" كسرى بن هرمز ، ولئن طالت بك حياة لترين الرجل يخرج ملء كفه من ذهب أو فضة ، يطلب من يقبله منه فلا يجد أحداً يقبله منه،وليلقين الله أحدكم يوم يلقاه،وليس بينه وبينه ترجمان يترجم له،فيقولن : ألم أبعث إليك رسولاً فيبلغك ؟ فيقول : بلى ، فيقول : ألم أعطك مالاً وولداً وأفضل عليك ؟ فيقول : بلى ، فينظر عن يمينه فلا يرى إلا جهنم ، وينظر عن يساره فلا يرى إلا جهنم " قال عدي : سمعت رسول الله r يقول :" اتقوا النار ولو بشق تمرة فمن لم يجد شق تمرة فبكلمة طيبة ". قال عدي : فرأيت الضعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله ، وكنت فيمن أفتتح كنوز كسرى بن هرمز ، ولئن طالت بكم حياة ، لترون ما قال النبي أبو القاسم r :" يخرج ملء كفه.. "(205).
2) ما أخبر به ابنته فاطمة :
عن عائشة رضي الله عنها قالت : أقبلت فاطمة تمشي كأن مشيتها مشي النبي r فقال النبي r:" مرحباً بابنتي " ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله ، ثم أسر إليها حديثاً فبكت ، فقلت لها لم تبكين ؟ ثم أسر إليها حديثاً فضحكت ، فقلت : ما رأيت كاليوم فرحاً أقرب من حزن ، فسألتها عما قال ، فقالت : ما كنت لأفشي سرّ رسول الله r ، حتى قبض النبي r فسألتها ، فقالت أسر إليّ:" إن جبريل كان يعارضني القرآن كل سنة مرة ، وأنه عارضني العام مرتين ، ولا أراه إلا حضر أجلي ، وإنك أول أهل بيتي لحاقاً بي " فبكيت
فقال :" أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة أو نساء المؤمنين " فضحكت لذلك(206) .
وقد مات r في مرضه ذلك ، فتحقق ما أخبر به ابنته ، ثم كان أول من لحق به من أهله ، هي ابنته فاطمة رضي الله عنها .
3) فتح بيت المقدس :
جاء في حديث عوف بن مالك y أنه قال : قال رسول الله r :" أعدد ستاً بين يدي الساعة.. فذكر منها :"فتح بيت المقدس "(207)ففي عهد عمر بن الخطاب y تم فتح بيت المقدس سنة ست عشرة من الهجرة ؛ كما ذهب إلى ذلك أئمة السير ، فقد ذهب عمر y بنفسه، وصالح أهلها،وفتحها،وطهرها من اليهود والنصارى،وبنى بها مسجداً في قبلة بيت المقدس (208).
4) ظهور نار الحجاز :
عن أبي هريرة y أن رسول الله r قال :" لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز ، تضيء أعناق الإبل ببصرى "(209).
وقد ظهرت هذه النار في منتصف القرن السابع الهجري في عام أربع وخمسين وست مائة(654)، وكانت ناراً عظيمة ، أفاض العلماء ممن عاصر ظهورها ومن بعدهم في وصفها(210) .
قال النووي : ( خرجت في زماننا نار بالمدينة سنة أربع وخمسين وست مائة ، وكانت ناراً عظيمة جداً ، من جنب المدينة الشرقي وراء الحرة وتواتر العلم بها عند جميع الشام وسائر البلدان ، وأخبرني من حضرها من أهل المدينة )(211).
5) انتشار الربا :
عن أبي هريرة y أن رسول الله r قال :" ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرء بما أخذ المال أمن حلال أم من حرام "(212).
وهذا هو الحادث فعلاً فما زال مستمراً ومنذ زمن والمسلمون لا يتحرجون من تعاملهم بالربا .
( ومن فقه الإمام البخاري رحمه الله أنه أورد حديث أبي هريرة السابق في باب قول الله U: )يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافاً مضاعفة ((213)،ليبين أن أكل الأضعاف المضاعفة من الربا يكون بالتوسع فيه عند عدم مبالاة الناس بطرق جمع المال وعدم التمييز بين الحلال والحرام)(214).
القسم الثاني : ما أخبر به الرسول r ولم يحن موعد تحققه :
1) خروج القحطاني :
عن أبي هريرة y أن رسول الله r قال:" لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه "(215).
قال القرطبي : قوله "يسوق الناس بعصاه"،كناية عن استقامة الناس وانعقادهم إليه ، واتفاقهم عليه ، ولم يرد نفس العصا ، وإنما ضرب بها مثلاً لطاعتهم له ، واستيلائه عليهم ، إلا أن في ذكرها دليلاً على خشونته عليهم وعنفه بهم(216) .
2) قتال اليهود :
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله r يقول :" تقاتلكم اليهود فتسلطون عليهم ثم يقول الحجر يا مسلم ، هذا يهودي ورائي فاقتله "(217).
3) ذكر المهدي :
عن أبي سعيد الخدري y ؛ قال : قال رسول الله r :" أبشركم بالمهدي ؛ يبعث على اختلاف من الناس وزلازل ، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً ، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض ، يقسم المال صحاحاً " فقال له رجل : ما صحاحاً ؟ قال :" بالسوية بين الناس " .
قال : " ويملأ الله قلوب أمة محمد r غنى ، ويسعهم عدله ، حتى يأمر منادياً فينادي ، فيقول : من له في مال حاجة ؟ فما يقوم من الناس إلا رجل فيقول : أئت السدان (الخازن) ، فقل له : إن المهدي يأمرك أن تعطيني مالاً فيقول له : احث ، حتى إذا حجره وأبرزه ؛ ندم ، فيقول كنت أجشع أمة محمد نفساً ، وأعجز عني ما وسعهم ؟ . قال ، فيرده ، فلا يقبل منه ، فيقال له : إنا لا نأخذ شيئاً أعطيناه ، فيكون كذلك سبع سنين أو ثمان سنين أو تسع سنين ، ثم لا خير في العيش بعده " أو قال : " ثم لا خير في الحياة بعده "(218).
4) طلوع الشمس من مغربها والدجال ودابة الأرض :
عن أبي هريرة y ؛ قال : قال رسول الله r :" ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً:طلوع الشمس من مغربها،والدجال ، ودابة الأرض "(219).
وقال تعالى وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دآبة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون((220).
فهذه الآية الكريمة جاء فيها ذكر خروج الدابة ، وأن ذلك يكون عند فساد الناس ، وتركهم أوامر الله، وتبديلهم الدين الحق ، يخرج الله لهم دابة من الأرض فتكلم الناس على ذلك(221) .
وقد اختلف العلماء في تعيين ووصف هذه الدابة وقد رجح القرطبي أنها من نفس فصيل ناقة النبي صالح u، قال القرطبي : ( أولى الأقوال أنها من فصيل ناقة صالح , وهو أصحها ، والله أعلم )(222).
5) حسر الفرات عن جبل من ذهب :
عن أبي هريرة y أن رسول الله r قال :" لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب ، يقتتل الناس عليه ، فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون ، ويقول كل رجل منهم : لعلي أكون أنا الذي أنجو "(223).
6) عودة أرض العرب مروجاً وأنهاراً :
عن أبي هريرة y أن رسول الله r قال :" لا تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً "(224).
هذا الحديث يشير إلى أن أرض العرب التي هي صحراء ، كانت بساتين وأنهاراً ، وأنها سوف تعود كما كانت مروجاً وأنهاراً .
~
(156) النمل آية 65(157) الأنعام آية 59(158) الأنعام آية 50(159) صحيح مسلم ، حديث رقم 177
(160) نظرة النعيم ج 1 ص 542(161) يونس آية 20(162) الأعراف آية 188(163) آل عمران آية 179(164) الجن آية 26-27
(165) نظرة النعيم ج 1 ص 542-543(166) نظرة النعيم ج 1 ص 544(167) آل عمران آية 93
(168) الصحيح المسند من دلائل النبوة : مقبل بن هادي الوادعي ص 41(169) آل عمران آية 44.(170) هود آية 49.(171) يوسف آية 102.
(172) القصص آية 3.(173) القصص آية 44-45.(174) مباحث في إعجاز القرآن – أ.د مصطفى مسلم ص 261 باختصار.
(175) صحيح البخاري ج 6 ص 362.(176)صحيح البخاري ج 6 ص37 .
(177) الصبا رياح يقال لها القبول لأنها تقابل الكعبة إذ مهبها من مشرق الشمس وضدها الدبور : وهي التي أهلكت بها قوم عاد – دلائل النبوة – مقبل بن هادي الوادعي ص 254.(178) أخرجه مسلم ج 2 ص 617.(179) أخرجه مسلم ج 4 ص 2285(180) البخاري ج 6 ص 378(181) الديماس : الحمام – الصحيح المسند من دلائل النبوة – مقبل الوادعي ص 259(182) البخاري ج 6 ص 428 , ومسلم ج 1 ص 154.(183) البخاري ج 6 ص 415(184) البخاري ج 6 ص 420
(185) البخاري ج 6 ص 453.(186) النسائي ج 2 ص 28 وهو حديث صحيح ورجاله ثقات .(187) البخاري ج 6 ص 458.
(188) أخرجه الإمام أحمد في المسند ج 1 ص 170 وهو حديث صحيح الإسناد .(189) البخاري ج 6 ص 467 , ومسلم ج 1 ص 150
.(190) البخاري ج 6 ص 469 , ومسلم ج 4 ص 1838.(191) صحيح البخاري : باب بدء الخلق ص 1166.
(192) صحيح البخاري : باب بدء الخلق ص 1166.(193) صحيح البخاري : باب بدء الخلق ص 1168 .(194) صحيح البخاري : باب بدء الخلق ص 1185 .(195) تلاحيا : تلاوما وتنازعا ، نظرة النعيم :ص 544(196) رواه البخاري ، انظر الفتح : 6 ( 3632)(197) المستدرك على الصحيحين ، الجزء 3ص(366)
(198) الاستيعاب ،ج(4)، رقم (4202)
(199) من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم – عبد العزيز السلمان ص 8.(200) مجمع الزوائد، الجزء 8 ، ص(285)(201) رواه مسلم برقم 2873
(202) الشاذ والشاذة : الخارج والخارجة عن الجماعة والمعنى أنه لا يدع أحد . موسوعة نظرة النعيم ص545
(203) ذبابة : ذباب السيف هو طرفه الأسفل وأما طرفه الأعلى فمقبضه . موسوعة نظرة النعيم ص 546(204) رواه البخاري : حديث رقم 2898 , ومسلم برقم 112(205) صحيح البخاري : باب المناقب : ص 1317
(206) صحيح البخاري : باب المناقب : ص 1327(207) صحيح البخاري : كتاب الجزية والمودعة : باب ما يحذر من القدر : ج 6 ص 277 مع الفتح.
(208) البداية والنهاية ج 7 ص 55-57(209) صحيح البخاري : كتاب الفتن : باب خروج النار : ج 13 ص 78 مع الفتح ، وصحيح مسلم : كتاب الفتن وأشراط الساعة : ج 18 ص 30 مع شرح النووي .(210) أشراط الساعة – يوسف الوابل ص 117(211) شرح النووي لمسلم ج 18 ص 28.
(212) صحيح البخاري : باب قول الله عز وجل :" يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا " ج 4 ص 313 مع الفتح .(213) آل عمران آية 130
(214) أشراط الساعة : يوسف الوابل : ص 140 –141.(215) صحيح البخاري : باب تغير الزمان حتى تعبد الأوثان ج 13 ص 76مع الفتح , وصحيح مسلم : كتاب الفتن وأشراط الساعة ج 18 ص 36 مع شرح النووي .(216) التذكرة ،المرجع السابق ص 635 .(217) صحيح البخاري : باب المناقب :ص 1316
(218) مسند الأمام أحمد ج 3 ص 37 مع منتخب الكنـز ، قال الهيثمي : رواه الترمذي وغيره باختصار كثير ورواه أحمد بأسانيد وأبو يعلى باختصار كثير ورجالهما ثقات ، مجمع الزوائد ( 7/ 313 –314).(219) صحيح مسلم : كتاب الإيمان : باب الزمن الذي لا يقبل فيه الإيمان ج 2 ص 195 : مع شرح النووي .
(220) النمل آية 82
(221) تفسير ابن كثير ج 6 ص 220(222) تفسير القرطبي ج 13 ص 235.
(223) صحيح البخاري : باب خروج النار : ج 13 ص 78 مع الفتح, وصحيح مسلم ، كتاب الفتن وأشراط الساعة ج 18 ص 18 : مع شرح النووي .
(224) صحيح مسلم.